وكالات
يُعد الإيطالي ماريو بالوتيلي، البالغ من العمر 35 عامًا، أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل في عالم كرة القدم. فالمهاجم الذي وُصف يومًا بأنه “أمل إيطاليا” و”الظاهرة الجديدة في أوروبا”، اعترف بأن مسيرته لم تصل إلى المكانة التي كان الجميع يتوقعها، بسبب عوامل كثيرة من بينها قلة الاستمرارية والجدل الإعلامي الذي رافقه منذ صغره.
بالوتيلي الذي لعب لأندية كبرى مثل إنتر ميلان ومانشستر سيتي وليفربول وميلان، ظهر مؤخرًا في مهرجان “Festivale dello Sport” بمدينة ترينتو الإيطالية، حيث فتح قلبه للحديث عن محطات من مسيرته التي بقيت طي الكتمان، وعلى رأسها قصته الغريبة مع برشلونة عندما كان لا يزال مراهقًا.
وقال بالوتيلي خلال اللقاء، الذي نقلته صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية: “عندما كان عمري 15 عامًا تلقيت اتصالًا من برشلونة، وسافرت إلى هناك لأقضي شهرًا كاملًا في لا ماسيا. تدربت مع الفريق، وكل شيء كان يسير بشكل رائع، لكن مشكلتي كانت في النادي الخاص بي آنذاك، لوميتسانه، الذي طلب مبلغًا كبيرًا مقابل انتقالي، مبلغًا لم يكن برشلونة مستعدًا لدفعه في لاعب صغير. لذلك انتهى بي الأمر بالتوقيع مع إنتر ميلان”.
تصريحات “سوبر ماريو” كشفت لأول مرة أن العملاق الكتالوني كان قريبًا من ضمه قبل أن يخطفه إنتر ميلان، النادي الذي شهد انطلاقته الحقيقية نحو النجومية، وبدأ اسمه يتردد في الأوساط الرياضية العالمية وبين كبرى أندية أوروبا التي سعت خلفه لضمه لصفوفها خلال تلك الفترة.
وأوضح بالوتيلي أنه خلال تلك الفترة القصيرة في برشلونة، شارك في التدريبات مع عدد من المواهب التي أصبحت لاحقًا من أبرز خريجي أكاديمية لا ماسيا.
وأضاف: “في الفريق الذي تدربت معه لمدة شهر، كان هناك لاعبين مثل بويان كركيتش، دوس سانتوس وتياجو ألكانتارا. لكنني لم أر لاعبي الفريق الأول، لم ألتق بهم على الإطلاق، فقط كنا نتدرب نحن الصغار في الأكاديمية”.
ورغم أنه لم يُكمل مسيرته في برشلونة، إلا أن التجربة تركت أثرًا في شخصيته، إذ أشار بالوتيلي إلى أنه أدرك من تلك الأيام مدى قوة النظام والانضباط في لا ماسيا، وهو ما جعلها تُخرج أجيالًا من النجوم العالميين الذين حملوا هوية برشلونة الكروية القائمة على السيطرة والتمرير القصير.
وبعد أن انتقل إلى إنتر ميلان في عام 2007، لمع نجم بالوتيلي سريعًا تحت قيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، حيث ساهم في تتويج الفريق بالثلاثية التاريخية عام 2010، قبل أن يخوض تجربة ناجحة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع مانشستر سيتي، الذي أحرز معه لقب الدوري عام 2012 وكان صاحب التمريرة الحاسمة الشهيرة في هدف أجويرو التاريخي أمام كوينز بارك رينجرز.
لكن مسيرته لم تخلُ من المنعطفات الحادة، إذ تنقل بين عدة أندية بعدها، ولم يتمكن من الحفاظ على استمرارية الأداء العالي.
الإعلام الإيطالي كثيرًا ما وصفه بأنه “لاعب يملك موهبة نادرة لكن شخصية صعبة”، بينما يرى بالوتيلي نفسه أنه كان ضحية لعدم الصبر ومنظومة لم تمنحه الوقت الكافي للاستقرار.
اللاعب الذي ينشط حاليًا في صفوف جنوى في الدوري الإيطالي، لا يزال متابعًا دقيقًا لعالم الكرة، وأثناء حديثه في المهرجان لم يتردد في التعبير عن إعجابه بعدد من المواهب الصاعدة. وردًا على سؤال حول من يراه الأفضل في العالم حاليًا، قال بلا تردد: “يعجبني كثيرًا لامين يامال، أراه لاعبًا خارقًا. لديه شخصية قوية على الرغم من صغر سنه، وطريقة لعبه تذكرني بالنجوم الكبار”.
وأضاف المهاجم الإيطالي أسماء أخرى يراها في قمة كرة القدم الحالية: “أيضًا أحب نيكو ويليامز، وهالاند، وديمبلي، ومبابي. جميعهم رائعون ويمثلون الجيل الجديد من النجوم”.
إشادة بالوتيلي بلامين يامال، لاعب برشلونة الشاب البالغ من العمر 18 عامًا، تحمل دلالة كبيرة، خاصة أنها جاءت من لاعب يُدرك ضغوط الشهرة المبكرة.
فربما رأى الإيطالي في النجم الإسباني الشاب انعكاسًا لما عاشه هو نفسه قبل عشرين عامًا، عندما وُصف بأنه الموهبة التي ستقود جيلًا جديدًا من المهاجمين في أوروبا.
وفي ختام حديثه، تمنى بالوتيلي أن يتمكن اللاعبون الشباب من الاستفادة من تجاربه، قائلًا: “الموهبة وحدها لا تكفي، يجب أن تتحلى بالاستمرارية والتوازن الذهني. كرة القدم اليوم قاسية، وإذا لم تكن مستعدًا من الداخل، ستفقد كل ما تملك مهما كانت موهبتك”.
كلمات بالوتيلي حملت الكثير من الصدق والتأمل في مسيرة مليئة بالضجيج والأضواء، لكنها أيضًا تذكير بأن كرة القدم لا تُنصف دائمًا الموهوبين، بل تُكافئ من يستطيع الجمع بين الموهبة والانضباط.
